البراندز، أو ما يعرف بالعلامات التجارية، تشبهنا نحن البشر إلى حدٍ كبير. فلكلٍ منها شخصيةٌ معينة وطباعٌ تميزها عن غيرها؛ مثلنا تمامًا!
وبالطبع، معرفة الهوية الشخصية للعلامة التجارية الخاصة بك، يساعدك في نجاح مشروعك التجاري أو الخدمي وتثبيته في سوق المنافسة.
ففي سياق حياتنا نحن البشر، معرفة طباعنا الشخصية يسهل علينا كثيرًا من القضايا. نفعل ما نحب وما نريد أن نصبح عليه، ونبتعد عن العادات التي لا تعبر عن دواخلنا. كذلك، الأمر نفسه ينطبق على العلامة التجارية.
ما هو البراند (العلامة التجارية)؟
دعونا نبدأ بتذكيرٍ سريع لمفهوم البراند. الطريقة الأسرع والأسهل لتزعج أساتذة التسويق في قبورهم هي أن تعرف البراند على أنه الشعار (اللوجو) أو هويتها البصرية! 🤕
البراند، أو العلامة التجارية، هي الصورة والمشاعر التي ترتسم لدى الجمهور أو شريحة العملاء عن الشركة، المنظمة، أو المؤسسة.
العلامة التجارية يمكن إيجادها في العقول فقط، فهي تسكن مخيلتنا ولا يمكننا أن نلمسها أو نراها بشكلها المجرد. لكن بالطبع، يمكن أن نستدل عليها بالشعار أو لوجو الشركة نفسها.
لنأخد العلامة التجارية لشركة Nike على سبيل المثال. العلامة التجارية لهذه الشركة ليست الأحذية ولا المعدات الرياضية التي تنتجها.
إنما هي صورتها في أذهاننا على أنها الشركة التي تساعد الرياضيين على الوصول إلى أهدافهم وتحقيق إمكاناتهم الكامنة!
وعندما نرى رمز علامة الصح أو شعار (Just Do It) نتذكر مباشرة الصورة السابقة المرتبطة ب Nike!
البراند أو العلامة التجارية يعتبر من الأصول الاستراتيجية للمنظمة/الشركة. وبناء هذه الهوية بالشكل الصحيح والمرغوب به يعزز العلاقة مع العملاء ويغرس الولاء لديهم.
ما هي الهوية الشخصية للعلامة التجارية Brand Archetype؟
Brand Archetype أو الهوية الشخصية للعلامة التجارية هي طريقةٌ نفسية واجتماعية لتقديم عملك التجاري وسلوكياتك ورسائلك وكما أنها شخصية خيالية، مما يجعلها قابلة للتمييز والارتباط بالجمهور المستهدف.
على سبيل المثال: عندما نتذكر شخصية سوبر مان، يتبادر إلى ذهننا دائمًا أنه الشخص الذي يرغب بمساعدة الناس وحمايتهم من الشر المحيط بهم.
وهذا هو تمامًا جوهر الهوية الشخصية: تمثيل العلامة التجارية بشخصيةٍ ما. تدخل هذه الشخصية إلى العقل اللاوعي للجماهير. وتسهل عليهم فهم أعمالها وقيمها وتمييزها عن باقي العلامات التجارية.
ما الفائدة من وجود هوية شخصية للعلامة التجارية؟
ببساطة، النجاح ببناء تلك الشخصية وإيصالها للجمهور المتسهدف يحفز العملاء للاستجابة لرسائلك بشكل عاطفي ودون اللجوء إلى التقييم والمنطق. وهو ما يسهل عملية بيع منتجاتك وخدماتك لهم.
ما هي أنواع الهوية الشخصية للعلامة التجارية؟
يوجد 12 نموذجًا من شخصيات العلامة التجارية، تنبثق جميعها من 4 احتياجات بشرية عامة. تمثل كل هوية شخصية حاجة أكثر تحديدًا تتفرع من الأقسام الأربعة الرئيسية.
وتتمثل الأقسام الأربعة الرئيسية للاحتياجات الاجتماعية البشرية بما يلي كما هو موضح في الصورة التالية:
شخصيات البحث عن الروح
1- البريئ (الرغبة في الوصول إلى الأمان)
يتسم خطاب الشخصية البريئة بالإيجابية واللطف، فهي ترى الخير في كل شيء وتركز على النواحي الجميلة.
تستخدم العلامات التجارية هذه الشخصية لتجعل عملائها يشعرون بالجمال والأمان الداخلي عند استخدام منتجاتهم.
من الأمثلة التي تدل على الشخصية البريئة للعلامة التجارية هي مستحضرات Dove. عند مشاهدة أي إعلان لهذه العلامة التجارية تستطيع أن تستنتج بسهولة أن النمط البارز فيها هو الحصول على الجمال والأمان العاطفي.
2- الحكيم (الرغبة في فهم الأشياء)
الشخصية الحكيمة للعلامة التجارية هي تلك التي ترغب بمعرفة كل شيء دائمًا وتقديم هذه المعرفة للناس.
تتمحور هذه الشخصية حول رفع مستويات الوعي لدى الجماهير، وتجنب المعلومات المضللة، ونسف المعلومات الخاطئة والأساطير.
جوجل هي إحدى العلامات التجارية التي تتسم بشخصية الحكيم، حيث تسعى جوجل دائمًا إلى فهم طلبات المستخدمين عبر شبكة البحث وإيصال المعلومات التي يبحثون عنها بالطريقة الصحيحة التي تفيدهم.
كذلك تقوم جوجل بتقديم المعرفة لأصحاب العلامات التجارية والمواقع الإلكترونية حول الخطوات الأفضل لزيادة الترتيب في محركات البحث والوصول إلى العملاء.
3- المستكشف (الرغبة في الحرية)
ترغب العلامات التجارية التي تنتمي لهذه الشخصية في دفع أنفسهم خارج دائرة الراحة التي يصلون إليها. تتسم إعلاناتهم بالجرأة والتحدي في رحلة اكتشاف مستمرة لا يمكن أن تتوقف.
قد تقدم العلامة التجارية التي اختارت شخصية المستكشف لعملائها فرصة للهروب. حيث تدور الحملات التسويقية الخاصة بهم حول صور الأماكن البعيدة في محيطٍ من المغامرة.
ينطلقون دائمًا من مبدأ: “أنت تملك حياةً واحدةً فقط … انطلق واجعلها تستحق الحياة”.
من العلامات التجارية التي تنطوي تحت شخصية المتسكشف، شركة السيارات المتميزة Jeep، وناشيونال جيوجرافيك.
الشخصيات الراغبة بترك أثر في العالم
4- الخارج عن القانون (يرغب بالتحرر)
تسعى هذه الشخصيات إلى إحداث ثورة والتمرد على القواعد، وهي بذلك تمثل احيتاجات الأشخاص الذين يرون أن هذا العالم لا يناسبهم. تميل هذه الشخصيات أيضًا إلى القرب من الأشخاص الذين يحبون العيش على حافة الهاوية.
حتى تكون علامتك التجارية قريبة من الجمهور الراغب بالتحرر، عليك أن تعادي الوضع الراهن وتحارب التوافق مع الحياة.
تسهيل الثورة وتشجيعها، وإظهار العزم والجهد في ذلك، سيوفر عليك شوطًا كبيرًا بالوصول إلى شريحة العملاء هذه.
من أبرز العلامات التجارية التي تتسم بهذه الشخصية هي هارلي ديفيدسون، شركة الدرجات النارية الشهيرة، التي يتسم أصحابها بالشكل الغريب والشعر المنكوش دائمًا! 🦹🏻♀️
5- الساحر (تحويل الأحلام إلى حقيقة)
تملك العلامات التجارية ذات الشخصية الساحرة الكثير والموارد والمعرفة والمهارات الفريدة التي تجعلهم يبدون بصورة خارقة للطبيعة في بعض الأحيان.
بفضل المهارات التي يملكونها، لديهم القدرة على أخذ الناس في رحلة تحول وتجربة لحظة سحرية، تنقلهم إلى مستقبلٍ أفضل.
الجانب الخفي لهذه الشخصيات هو أنهم متعطشون للمعرفة رغم أنهم لا يشاركونها عن طيب خاطر، بل يستخدمونها لإظهار رؤيتهم.
ديزني، التي تصنع أفلامًا كأنها حقيقة، ومدن ملاهي كأنها خيالية، هي إحدى العلامات التجارية التي تنتمي لهذه الشخصية.
6- البطل (الإتقان)
شخصية البطل للعلامة التجارية تتسم بالشجاعة والعمل بجد من أجل متطلباتٍ يرونها واجبًا عليهم. ويرسمون صورةً مثاليةً أن هذه المتطلبات التي يوفرونها لعملائهم تستطيع حل مشاكلهم وإيصال قيمة مضافة لهم.
الدافع الرئيسي للبطل هو مواجهة التحديات وجهاً لوجه وتحمل الهزائم أو الإخفاقات حتى يتم تصحيحها.
Nike هي مثالٌ صريح لهذه الشخصية كما ذكرت في مقدمة هذه المقالة.
الشخصيات التي تتوق للتواصل مع الآخرين
7- الحبيب (الرغبة للمودة والألفة)
تتوجه العلامات التجارية تحت هذه الشخصية بمنتجاتها وخدماتها إلى الأشخاص الذين يرغبون أن يحظوا بالحب والحميمية في محيطهم.
ولذلك، يلجؤون إلى دفعهم للشعور بالجاذبية أو إثارة رغباتهم العاطفية عند اقتناء منتجاتهم. ويستعملون وسائل النبرة الحسية من خلال البصر أو الصوت أو الرائحة أو اللمس لتحقيق أهدافهم.
اللون الأحمر والأسود، بالإضافة إلى مشاعر الحب، هي العناصر الأساسية التي تسيطر على الإعلانات الترويجية لهذه الشخصية.
شاهد الإعلان التالي المميز من شركة Alfa Romeo للسيارات… 👌🏻
8- المهرج (الرغبة بالمرح)
المهمة الوحيدة لشخصية المهرج هي الاستمتاع وإسعاد الآخرين. من الشائع أن تكون الحملات التسويقية للعلامات التجارية ذات الشخصية المهرجة مضحكة جدًا أو مسلية على الأقل.
من منا لا يحب الضحك؟! ولهذا السبب بالذات فإن المهرجين هم من أكثر العلامات التجارية المحبوبة والذين استطاعوا بناء علامات تجارية يتذكرها الجميع.
هل تتذكرون دعايات شركة حبوب الشوكولا الصغيرة M&M التي تسعى دائمًا لإبداء نوع من الطرافة في إعلاناتها؟
9- الراغب بالانتماء
يمكنك إيجاد العلامات التجارية ذات الشخصيات الراغبة بالانتماء عندما تنظر بالمرآة.!
نعم ذلك صحيح، فهم يملكون القدرة على التماهي والاندماج في الحياة اليومية للناس وجعلهم يشعرون أن هذه العلامات التجارية جزءٌ أساسي في حياتهم الروتينية.
وتعتمد هذه الشخصية في حملاتها التسويقية على مبدأ: “من الجيد تمامًا أن تكون طبيعيًا”، وتتناسب مع المنتجات المنزلية أو العائلية.
دعونا نأخذ مثالًا عربيًا هذه المرة، سمنة جنة المصرية بإعلانها المبدع.
الشخصيات الراغبة بتنظيم العالم
10- المبدع (الرغبة بالتجديد)
لا تستطيع شخصية المبدع التأقلم مع وضعٍ واحدٍ فحسب، فهي تريد بناء أشياء جديدة وتسهيل الحياة الناس في كل مرة.
يحتفل المبدع بالعملية الإبداعية ويقدسها أكثر من القواعد والشهادات والدرجات الأكاديمية. تستفيد العلامات التجارية المبدعة من مخيلة جمهورهم ورغبتهم في الإبداع والابتكار.
العلامة التجارية LEGO التي تنتج مكعبات الأطفال هي من إحدى الشخصيات المبدعة المشهورة حول العالم.
11- الحاكم (الرغبة بالسيطرة)
حتى تكون حاكمًا، يتوجب عليك تأكيد إحساسك بالقوة والسيطرة والاحترام والشعور بالتفوق، دون الالتفات لمناشدة الجماهير وطلب دعمهم.
تهدف العلامات التجارية ضمن هذه الشخصية إلى إيصال رسائل تسويقية لعملائهم أنه يمكنهم أن يكونوا حكامًا أيضًا.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تزود العلامات التجارية ذات الشخصية المسيطرة عملائها بالإحساس أنهم في أعلى سلم النجاح وأنهم جزء من نادٍ حصري.
هل شاهدتم إعلان مرسيدس اس-كلاس الجديد 2020؟
12- مقدم الرعاية (الرغبة بخدمة الآخرين)
ما يميز هذه الشخصيات هو الدافع لمساعدة الآخرين وحمايتهم، وخاصة المحتاجين، حتى ولو كان ذلك على حساب مصالحهم الشخصية.
تشعر بإعلاناتهم بالحنان والدفىء واللمسة الناعمة، حيث يضعون من هم بحاجة للرعاية تحت جناحهم إلى حين أن يصبحوا أقوى وقادرين على الاعتناء بأنفسهم.
منظمة اليونيسيف والصندوق الدولي للطبيعة من أبرز العلامات الخدمية التي تنتمي لهذه الشخصة.
كيف أحدد الهوية الشخصية للعلامة التجارية الخاصة بي؟
للإجابة على هذا السؤال هناك العديد من العوامل التي يجب عليك أن تأخدها بعين الاعتبار، وعلى رأس القائمة تأتي طبيعة المنتجات التي تبيعها. على سبيل المثال: هل المنتجات التي تقدمها تحتاج إلى إظهار القوة، أم العاطفة، أم الاهتمام، أم أن تكون قريبًا من الحياة اليومية للزبائن؟
الأمر الثاني، ربما يتوجب عليك تحديد شخصيتك الفردية قبل شخصية علامتك التجارية لتعرف ما السمات التي تحبها وتستطيع أن تعكسها على علامتك التجارية. فالعلامات التجارية ما هي إلا انعكاس عن شخصيات أصحابها والأفكار التي يؤمنون بها. بإمكانك إجراء اختبار بسيط من هنا لتعرف شخصيتك.
ربما ترغب أيضًا بقراءة قصص نجاح علامات تجارية تبيع منتجات شبيهة لمنتجاتك، وتحلل شخصياتها لتستطيع معرفة ما الذي تريده حقًا وما الذي يتوافق مع مبادئك لرسم شخصية خاصة بعلامتك التجارية.
نقاط ترغب بتذكرها
العلامة التجارية أو البراند هي صورة وحالة نفسية يتم بناؤها في عقول الجماهير والعملاء والموظفين، ولا يمكن لمسها بصورة محسوسة.
يوجد 12 هوية شخصية للعلامة التجارية تختلف بسماتها وطريقة تواصلها مع الشريحة المستهدفة، وبالتالي تنتهج نمطًا معينًا في إعلاناتها وخطاباتها.
لتستطيع بناء صورة صحيحة لشخصية البراند الخاص بك، يتوجب عليك فهم شخصيتك أولًا ثم طبيعة المنتج الذي تقدمه لعملائك.
